عائدون اإدارة شبكة بيت الذاكرة الفلسطينية
عدد المساهمات : 41 تاريخ التسجيل : 18/11/2010 البلد : ترشيحا رقم العضوية : 1
| موضوع: (( بائعة الورد )) قصة قصيرة بقلم أحمد قدورة السبت نوفمبر 26, 2011 3:52 pm | |
|
(( بائعة الورد )) قصة قصيرة بقلمي 26-11-2011
عندما تتناغمُ ألحانُ قلبي مع ألحانِ موسيقى تنبعث من قاعةٍ ضخمة ,,, أجلسُ على الرصيفِ الباردِ ,,, مستقبلاّ بابتسامتي الخريفيةِ حبات المطرِ ,,, في سماءِ الليلِ الشارد ,,, ملابسي مرقعةٌ ,,, ساقي يملؤها الطينُ بسبب العربة التي مرت بجانبي ولم تراني ,,, لأني لستُ الوحيدَ الذي لا يُرى ,,, لم ينكسر لي خاطر ,,, لأني لا أُرى ,,, لا أحتاجُ للساعةِ الرقمية ,,, فالو...قتُ لا يهم ,,, المهمّ أن تأتي ,,, انتظرتها طويلاً ,,, لعلها تأتي إلى ذلك الحفلِ الملكي ,,, لم تكن من المدعوين ,,, لا أملك أمامَ ذلك القصرِ إلا قلماً وريشةً ومحفظةً ممزقةً خاليةً من الدراهمِ ,,,عندما شممتُ رائحةَ العطرِ ,,, ابتسمت ورفعت رأسي ,,, تفاجأت بثلاثِ سيداتٍ تسخرن مني ,,, هطولُ قطراتٍ من الماءِ على وجهي لم يظهر للمارةِ دمعاتٍ أغرقت وجنتي ,,, مزجتُ الندى المتساقط من السماءِ بالطينِ العالقِ على قدمي ,,, لأحصل على لونٍ خريفيٍّ ,,, انتظرتُ العجوزَ الجالس على المقعدِ الخشبيّ لينتهي من وجبةِ العشاءِ ,,, أخذت إليَّ الورقةَ التي رماها قرب عربةِ القمامة ,,, كانت بقع الزيت كأنها مرآة فأرى عيناي تدمعان من ألمِ الانتظار ,,, وتنبعث منها رائحة اللحم الشهي فيهيأ لي أنّي في وجبة عشاء ,,, على ورقةِ العجوز رسمت عروساً ريفيةً تعيش في المدينة ,,, الدقائق تركض وكأنها جيادٌ مسرعة ,,, الشوارع تضيق ,,, المارة يتلاشون ,,, سمعت صوت آخر صدى لمشاجرة ,,, انطفأت الأضواء ,,, ولبست مدينتي الثوب الكحلي لأسمع صوتَ شخيرها ,,, انتهى الحفل الملكي ,,, وبقيت وحدي بين السكارى ,, انتهيت من لوحة العروس الريفية ,,, رسمت في الأفقِ البعيدِ عصفورين يتعانقان ,,, رسمت فتاتي بزي متحضر ,,, تلبس الثوب القصير ,,, وأخصال شعرها تتطاير على أكتافِ المجهول ,,, هل يا ترى أو ربما أكون أنا المجهول ,,, استغرقت عدة دقائق مغمض العينين ,,, اكتب القصائد مرتجف اليدين ,,, أتذكر فتاتي تركض بين الروابي ,,, تعانق أشجار التين ,,, ترسم ليلة نرجسية تزينها الشهب الزرقاء ,, ونجوم كأنها قلادات على صدر حورية عذراء ,,, فآتي من خلفها لأدغدغها فأتلذذ بصوت ضحكاتها الموسيقية ,,, استغرقتُ في الخيالِ عدةَ دقائق ,,, ضوءٌ ساطعٌ في وجهي ,,, سيارةُ ليموزين كانت تقل عاشقين ,,, اختفيا في سكونِ المدينةِ ,,, بقيتُ وحيداً ,,, انتظر شبه المستحيل ,,, اختفت الأبنيةُ ورأيت الشارع أمامي بعد أن دثرت أجفاني نصف عيناي ,,, بعد ثوان من الهدوء ,,, اختفى الشارع الذي يعكس نجوم السماء ,,, واختفى كل شيء ,,, استيقظت صباحا على آخرِ قطراتٍ تسقط علي من المزرابِ المتدلي ,,, تفتحت عيناي كزهرة الأرجوان تستقبل أشعة الشمس التي تتعارك مع نسمات الهواء البارد ,,, شممت رائحة الياسمين والبنفسج ,,, وضعت يدي في جيبي لأخرج دراهم لأشتري وردة ,,, كانت محفظتي ممزقة ولا أمتلك أي درهم ,,, جاءت من بعيدٍ ترسم على وجهها طبيعةً خلابة ,,, فكانت لأعين الشباب غلابة ,,, اقتربت قليلاً مني ,,, تهديني وردةً اروجوانية ,,, رفعتُ رأسي ,,, تعانقتْ روحي وروحها ,,, بين ذلك الزحامِ الملكي ,,, أعانقُ بائعةَ الورد ,,, أعانقُ المجهولَ الذي أبحث عنه منذُ عقود ,,, أخذت الوردةَ وضممتها إلى صدري ,,, تشابكت أيدينا ,,, وقررنا السيرَ معاً إلى المعلوم . بقلم : أحمد قدورة 26-11-2011 | |
|